احتضن مقر الأكاديمية الدبلوماسية بنواكشوط، اليوم الثلاثاء الاجتماع الإقليمي حول حماية المعارف والخبرات المتعلقة بحرف الصناعة التقليدية

احتضن مقر الأكاديمية الدبلوماسية بنواكشوط، اليوم الثلاثاء الاجتماع الإقليمي حول حماية المعارف والخبرات المتعلقة بحرف الصناعة التقليدية، المنظم من طرف مكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم ” اليونسكو” بالرباط بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم” ألكسو”.
وسيتناول هذا لاجتماع الإقليمي الذي تدوم أعماله ثلاثة أيام، حماية الحرف اليدوية المهددة بالاندثار في دول المغرب العربي وكذا عروضا من قبل مهني الصناعة التقليدية.
وعبر معالي وزير التكوين المهني والصناعة التقليدية والحرف السيد محمد ماء العينين ولد أييه، في كلمة بالمناسبة عن شرف موريتانيا الكبير باختيارها لاستضافة هذه التظاهرة التي تدخل في إطار اتفاقية التراث الثقافي غير المادي لليونيسكو 2003 التي تنص على ضرورة سعى كل دولة في إطار أنشطتها الرامية إلى حماية التراث الثقافي غير المادي إلى ضمان أوسع مشاركة ممكنة للجماعات و المجموعات المحلية والأفراد وذلك من أجل المحافظة على هذا التراث وصونه ونقله إلى الأجيال القادمة وضمان إشراك الجميع بجدية في إدارته” مؤكدا أن جهود موريتانيا في منطقة المغرب العربي ظلت حثيثة في تجسيده من خلال التعريف بمختلف عناصر هذا التراث الثقافي غير المادي الموجود على أراضيها وتوثيقه وإجراء البحوث بشأنه والمحافظة عليه وحمايته وتعزيزه ونقله بمختلف الوسائل.
وأضاف أنه تأكيدا لهذا المسعى يتزامن انعقاد الاجتماع اليوم مع إطلاق إعداد موسوعة وطنية للصناعة التقليدية الموريتانية، تنفيذا للتوجيهات السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الذي أولى اهتماما خاصا للصناعة التقليدية ضمن برنامجه الانتخابي.
وبين أن الحكومة عكفت على إعداد برنامج للنهوض بالصناعة التقليدية يأخذ بعين الاعتبار مختلف أبعادها، سواء منها المرتبط بدورها الثقافي وفي حفظ التراث، أو دورها الاقتصادي في خلق الثروة ومواطن الشغل وتوفير السلع والخدمات، أو دورها الاجتماعي بالعناية بفئات كبيرة من المنتجين يضعهم تطور وسائل الإنتاج وطبيعة أنماط الاستهلاك أمام تحديات جمة.
وبدوره أوضح معالي وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة السيد الحسين ولد مدو، أن هذه الأرض غنية بتراث لامادي متنوع، تجسده أشكال التعبير الشفهي، والمهارات التقليدية والممارسات الثقافية، والفنون الشعبية، والوسائل المرتبطة بالطبيعة والمجتمع.
وأكد أن موريتانيا عملت في السنوات الأخيرة، بتوجيهات سامية من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وبمتابعة مباشرة من حكومة معالي الوزير الأول السيد المختار ولد اجاي على تثمين هذا التراث وإعطائه مكانته اللائقة ضمن السياسات الوطنية؛ حيث أنجز في هذا المجال، من بين ما أنجز؛ تسجيل كل من “المحظرة” و “ملحمة غالاديو” على قائمة التراث العالمي لليونسكو، كما تم اعتماد اللغة السونوكية لغة عابرة للقارات.
واضاف في ذات السياق أنه تم إعداد سجل وطني شامل، لجرد عناصر التراث غير المادي، بالتعاون مع المجتمعات المحلية، وذلك وفق مقاربة تشاركية تحترم البعد الشعبي والأصالة، كما أطلقت مشاريع دعم وتكوين للصناع التقليديين، خاصة النساء في الأوساط الريفية، من خلال برامج تمويل صغيرة، ومراكز دعم للإبداع الحرفي، وأسواق محلية تُعنى بالتسويق التراثي؛ مثلت حاضنة للتراث الحي، وشملت مجالات عدة مثل النجارة، والنسيج، وصناعة الجلود، والخزف، والزخرفة، وغيرها من الصناعات التقليدية المهددة بالعديد من التحديات.
ومن جانبه أكد ممثل اليونسكو في المغرب العربي، السيد إيريك فالت أن الاتفاقية 2003 الخاصة بحماية التراث الثقافي غير المادي تم اعتمادها أكثر من عشرين عاماً، تجسيدا للالتزام المشترك بالقوانين الخاصة بحماية الأماكن الثقافية، مثمنا جهود المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) التي تدعم جهود المنطقة الرامية إلى حماية التراث الثقافي غير المادي في دول المغرب العربى خاصة في موريتانيا.
وأوضح الأمين العام للجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم السيد محمد سيدي عبد الله، أن الحرف اليدوية هي الذاكرة الشعبية، التي تحكي عن تراث الأمة وتقدم حاجياتها خلال فترات مختلفة ومستوى الاختراع الذي وصلت إليه عبر رحلتها الابداعية، مبرزا أن الحرف اليدوية تشكل مورد اقتصادي مهم ومصدرا للدخل، ومنحى من مناحي التنمية المحلية، وميدان الإبراز مظاهر التنوع الثقافي والتعاضد الاجتماعي.
وأضاف أن هذا اللقاء يأتي ليجمع بين صناع القرار والخبراء والحرفيين، ومؤسسات دولية مشهود لها بالخبرة والكفاءة، وهو ما يقتضي وضع رؤية مشتركة ورسم آليات عملية لصيانة هذا التراث، وتطوير السياسات العمومية التي تضمن الحفاظ عليه.
وأكد التزام اللجنة بدعم هذا التوجه والعمل مع شركائنا في اليونسكو والألكسو، وكافة الهيئات الوطنية والإقليمية، من أجل إطلاق مبادرات فعالة تخدم هذا الهدف النبيل.
من جهته قال المتحدث باسم المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الألسكو السيد عبد الهادي أمغاري، إن هذه الفعالية التي تعقد بالتعاون مع مكتب اليونسكو بالرباط ووزارة التكوين المهني والصناعات التقليدية والحرف ووزارة الثقافة والشباب والعلاقة مع البرلمان في الجمهورية الاسلامية الموريتانية تأتي لتكون منصة للاحتفاء بالفنون والصناعات التي شكلت جزءاً من هويتنا التاريخية، ولتسليط الضوء على أهمية الحفاظ على هذه المهارات الحرفية التي تعكس ثقافتنا الأصيلة.
وأضاف أن الصناعات التقليدية ليست مجرد منتجات، بل هي جزء من التاريخ الذي نستمد منه الإلهام، وهي أداة فعالة للحفاظ على تراثنا، وتوفير فرص عمل جديدة، وتعزيز الاقتصاد المحلي.
وأشار إلى أن الملتقى يعد فرصة ثمينة لتبادل الخبرات بين الحرفيين، والاطلاع على أحدث الاتجاهات في مجال الحرف والصناعات التقليدية.
جرى اللقاء الإقليمي بحضور السفير المغربي المعتمد لدى موريتانيا وخبراء من منظمة اليونسكو في المغرب العربي، وعدد من أطر قطاع التكوين المهني والصناعة التقليدية والحرف.